الشاعرة فاطمة الزهراء فلا تحاور شاعر العامية الكبير ابراهيم رضوان حول هموم البسطاء‏

الشعر هو شرياني الذي أتنفس من خلاله 
ابراهيم رضوان في حوار مع الشاعرة فاطمة الزهراء فلا رئيس اتحاد كتاب مصر فرع الدقهلية ودمياط 
أصبح لشعر العامية صوت مسموع بفضل رواده أمثال بيرم التونسي وفؤاد حداد وابراهيم رضوان واحد من شعراء العامية الذين تبوؤا مكانتهم ولم لا وشعر العامية واحد من أهم لغات الشعب التي يسعي إليها متحسسا جراحه فيها وفي هذا الحوار اقتربنا منه وتحاورنا معه إنه 
ابراهيم محمود رضوان (مصر). سألناه ماهو شعر العامية وكيغ تدرج ؟ يقول 
يعد " شعرالعامية" واحدا من أجل الفنون واكثرها انتشارا بين الأوساط الأدبية 
بداية من تطوره من " فن الموشحات" حتى وصوله إلى تلك المرتبة العالية التى يتمتع بها اليوم، مما يدعونا للتوقف أمام هذا الفن المعبر عن الصدى الشعبى لمحاولة سبر أغواره واستكشاف المتعة فيه00 
إن أول ما نلحظه فى شعر العامية هو التطور المتلاحق الأنفاس منذ نشوء الموشحات الأندلسية وفن الزجل عن طريق الشعراء الجوالين فى الأندلس، وهم طائفة من الشعراء كانوا يطوفون على الملوك والأمراء يستجدون منهم بترديد الأبيات الشعرية التى يحفظونها، وأغلب الظن أن شعر العامية تطور من هذه الطائفة لانتشارها واختلاطها بالعامة مما بهرهم بالموشحات وبالنظام النسقى واللحنى الخاص بها وبتكوينها السهل والمميز فى الوقت ذاته، من أغصان وأسماط وأوزان اختلفت عن شعر العرب لاختلاف البيئة والثقافة مما أدى لاختلاف الرؤية الشعرية ومحاولة وضعها فى نمط مختلف يستسيغه الناس، فبدأ العامة يتمثلون الموشحات لكن بلغة عامية، وإن كانت تقترب من الفصحى فى بادئ الأمر لعدم وجود هوة بين الفصحى والعامية فى ذلك الوقت، ومع انتشار العامية مع الوقت بدأت تأخذ شكل المربعات أو فن الواو، ومن أقدم ما وصل إلينا فى هذا الفن هو مربعات ابن عروس، تلك الشخصية التى تحدث عنها الكثير ما بين الحقيقة باعتباره شخصية عاشت بين الناس ورددوا شعره وبين من اعتبره شخصية أسطورية من نسج الخيال الشعبى لمن يريد أن يعبر عن نفسه دون توريطه فى محاجة أدبية أو نزاع مع سلطان أو ملك، وهى تيمة شعبية قديمة معروفة منذ الأزل سواء عند بيدبا الفيلسوف الذى ألف للملك كليلة ودمنة وأعطاه ما يريد قوله على لسان الحيوانات، ومثل مبدأ التقية عند الشيعة، المهم أن ابن عروس له العديد من المربعات المتشابهة فى البناء والشكل الحكمى مما يدعونا إلى القول إن الرجل شخصية حقيقية لها تأثيرها المهم فى شعر العامية المصرية 
ويمر الزمن ويصبح شعر العامية واحد من أهم الفنون في مصر,..وهو واحد من شعراء العامية الذين تبوءوا مكانتهم في ساحة الشعر , فلكل واحد منا تاريخ حفره بقلمه وبمفرداته الخاصة به , لكن عالمه مفعم بحب الوطن , وأشهر أغنياته...مدد..مدد..شدي حيلك يابلد..إنه الشاعر الكبير ابراهيم رضوان الذي أضاف رصيدا كبيرا لشعر العامية هو معنا يفتح قلبه لأخبار الكتاب 
سألناه 
- ماذا يعني الشعر لابراهيم رضوان ؟ 
- الشعر هو الحياة , التنفس , أستنشقه هواء يملأ الكون حين تضيق نفسي , ينزف قلمي علي الورق كلاما جديدا لا أحب أن أقف في مكاني وحين أشعر بأن قصيدة الأمس هي قصيدة اليوم أشعر بالحزن العميق 
- متي بدأت ثورة الشعر العامي في نظرك ؟ 
-بدأ الشكل الثورى أو الكتابة المتلاحقة الأنفاس أو السرد المتدافع و كلها أنماط شعرية عملت على إشعال الثورة فى النفوس، وتنامت مع ظهور عبد الله النديم ذلك الشاعر المتخفى الهارب دائمًا من مكان لآخر والمحرك الروحى للثورة العرابية، مع أنه كتب بالفصحى إلا أن شعره اقترب من كل طبقات المجتمع لعله كان يكتب لغة وسطية المهم أنه ألهم الشعراء الحماسة وأخذ الراية من بعده بيرم التونسى الذى يتميز بالنقد البناء و الساخر فى ذات الوقت، ولكن لم يلتفت فى محاولاته التأريخية للمجتمع إلى جماليات القصيدة الممتعة فلم يهتم بتنميق الصورة والبحث عن تجديدها وإعطائها الشكل الجمالى المطلوب لجذب الناس إلى الذائقة الشعرية ومدى الاستمتاع الذى يعتمل النفس عند التّماس مع الصورة المدهشة للعقل والممتعة للنفس، ليؤدى الشعر دوره الكونى فى تفاعله مع الإنسان، وهذا ما حاول صلاح جاهين الوصول إليه من خلال رباعياته والتى لا يختلف على حكْميّتها أحد ولا على محاولته المستمرة للوصول بالصورة إلى غاية الكمال، وأعتقد أن هذا هو مشروع صلاح الشعرى وإن أخره حزنه وانكساره عن إتمامه، فالمتابع لشعره مع بداية الثورة يجد فيه بساطة الواقع دون محاولة الدخول إلى أبعاد تأويلية 
-كيف استطاع ابراهيم رضوان أن يصل لقاعدة الجماهير العريضة من الشعب ؟ وهل كانت له مفاتيح خاصة به ؟ 
-اللغة الشعرية في فى الخريطة اللغوية التى هى مجموع التصورات المختلفة والخبرات والتعليم والقراءات الشعبية التي يحصِّلها الفرد خلال حياته، ويدمجها ليصنع شكلاً نهائيًا للغة فى ذاكرته، أقول بعد تمام هذه العملية يبدأ الربط بين الكلام والكتابة، تلك الرموز السحرية التى ما إن يقع بصرك عليها، إلا وينتقل المعنى تلقائيًا لذهنك، وهى "الصورة الكلامية" للحديث/الكتابة، وهذه الصورة تتلاقى مع فكرة آلية التعامل مع فضاء الصفحة الورقى، أو الفضاء الإلكترونى وقت الكتابة على جهاز الكومبيوتر، أو على المدونة مما يعطى إحساسًا مختلفًا للتعامل مع عملية الكتابة. 
لكى نكون أكثر تحديدًا يجب أن نرى هذا التحالف بين الفضاء الإلكترونى والفضاء الخيالى فى نوع محدد من الكتابة، وليكن الشعر الذى يعتمد فى جزء من آلية كتابته على محاولات لوضع تصور عن العالم والذات من خلال كسر حاجز اللغة التقليدى والانتقال إلى ما يسمى "اللغة الجديدة"، وهى اللغة التى تتعامل مع المهمش وبلاغته وذاكرة الواقع المعاش و الكلام اليومى واللغة الدارجة من والكلمات المنحوتة من اللغات الأجنبية من ناحية أخرى، نحن إذن أمام حالتين من الخيال الجديد المعتمد على تطويع اللغة والتكنولوجيا فى أشكاله الكتابية، فتطويع تلك المحصلة جعلني أتواجد بين الناس وتنتشر شرارتي الأولي بعد نكسة 67 يعيش الهزيمة مثله مثل آلاف البشر بلا أمل في غد تشرق شمسه , شاب في العشرين من عمره ماذا يكتب للأم الحزينة التي كسرتها الهزيمة , فكتب , نعم كتب مدد..مدد.. شدي حيلك يا بلد لتكون الكلمة السحرية للأمل فتنهض مصر ويكون انتصار أكتوبر , إذن مفاتيحي السحرية كانت الحياة بين البسطاء , أعرف لغتهم وأغني لهم بنفس اللغة. 
-كيف استطاع ابراهيم رضوان أن يصل للجمهور العريض من المشرق للمغرب بأغنيات مصرية لم يلونها بأي لهجة ؟ 
-ابراهيم رضوان لولا الأغاني ما حقق هذه الشهرة وبالفعل أنا كنت شاعرا محظوظا فقد غني لي مطربون كبال أمثال شادية , ومنير , والحلو , وصالح , وكنا لا زلنا في زمن الفن الجميل , لكن الآن مهما كتب الشعراء من سيغني , لذلك أنا تمسكت بلهجتي المصرية المنتشرة بين رجل الشارع الذي لم يجد صعوبة في تداولها 
-شاعرنا ابراهيم رضوان تميز بالجرأة والثورة في وجه الظلم ..غربة عاشها بسبب قصيدة أو ديوان ؟ 
عام 69 صدر قرار من جمال عبد الناصر بمنع إذاعة مدد..مدد..شدي حيلك يا بلد وإحالتي للتحقيق مع محمد نوح , وصدر قرار من شعراوي جمعه وزير الداخلية في ذلك الوقت بمصادرة ديواني الأول ( الدنيا هيه المشنقة ) بعدها أصدر وزير التربية والتعليم قرارا بنقلي إلي سوهاج حيث تم اعتقالي وترحيلي لسجن القلعة مكبلا بالقيود الحديدية التي لازالت برودتها في يدي.. 
السيرة الذاتية لابراهيم رضوان 
ولد بمدينة المنصورة-. 
حاصل على بكالوريوس معهد الإعداد الإذاعي ـ اليونسكو. 
يعمل باحثاً بالمركز القومي للآداب والفنون. 
يكتب الشعر بالعامية والفصحى, ونشرت أعماله في معظم الدول العربية. كما قدم للتلفزيون عدداً من الأغاني, وقد تحولت أغنية: (مدد مدد, شدي حيلك يا بلد) إلى مسرحية, وفازت بأكثر من جائزة عربية, كما مثل مصر في أكثر من مهرجان شعري. 
كتب عشرات البرامج الإذاعية والمسرحيات والأفلام والتمثيليات الإذاعية, وساهم في إعداد البرامج الثقافية بالتلفزيون. 
دواوينه الشعرية: الدنيا هي المشنقة 1968 ـ أنا والليل 1971 ـ الجنازة 1972 ـ السبرسجي وآلة التسجيل (مسرحيات شعرية) 1970 . 
حصل على جائزة أحسن كاتب أغانٍ عن العالم الثالث من اليونسكو, وجائزة أحسن أغنية عربية من ليبيا 1973 , وجائزة أحسن برنامج إذاعي 
تري لماذا ابتعد الجمهور عن شعر الحداثة من وجهة نظر شاعر عامية ؟- 
- لم تقتصِر الشكوى من غموض أدب الحداثَة على المتلقِّي العادي، بل عمَّت جميع فئات المتلقِّين، وفيهم أدباءُ وشعراء ونقَّاد وأساتذة متخصِّصون في الأدب والفنون، بل فيهم كثير من الحداثيِّين أنفسِهم. 
وفي غمرة النقاش المحتَدِم حول مشكلة "الغموض والتواصل"، تمخَّضت النزعة الحداثيَّة عن تقليعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الآداب، وهي "احتقار القارئ" والاستعلاء عليه، أو "موت القارئ"، على شاكلة ما سُمِّي "موت المؤلف" الذي أشاعَتْه البنيوية. وقد أخذت هذه النزعة عِدَّة وجوه؛ فقال قائل منهم: إن الغموض من طبيعة الشعر، فهو بحكم تشكيله اللغوي والفكري الخاص أعمق من النثر، وأحوج إلى الغوص والاستبطان، وقال قائل: إن الجماهير العربية أميَّة، سطحية الثقافة، ولمَّا ترقَ بعدُ إلى المستوى الثقافي المطلوب لتفهُّم تقانات الشعر الحديث، وآليَّاته الجديدة المتطوِّرة. 
وقال قائل: إن الشعر ثقافة الخاصة، ومن ثَمَّ فهو مستعصٍ على الغالبية العظمى من جماهير الناس , لكن مع الأيام تعالي القارئ علي مالا يفهمه حتي وإن أتهم بالسطحية , فهو كان دائم الخوف أن يتهم بسذاجة شعره وسطحيته , 
· -العلاقة بين المرأة والشعر وثيقة جدا، وفي قصائدك وأغنياتك كما في حياتك صور متعددة للمرأة الأم والزوجة والحبيبة والوطن .. بالنسبة لك ما هي حدود هذه العلاقة 
--كان للمرأة نصيب وافر في الشعر فالمرأة منذ العصر الجاهلي كانت رمز الخصب والعطاء وعبر العصور صار يرمز لها أحيانا بالأرض واحيانا بالشجرة على اختلاف قربها أو بعدها من الاديب أو الشاعر بشكل خاص فهي الأم والأخت والحبيبة والصديقة وهي الدافع والمحرك لكل ابداع. المرأة هي مصر الوطن , مدينتي امنصورة , الأهل , الجيران , اللمة في الأعياد وقناعتي بأن المنصورة هي جميلة الجميلات , لذا كان علي أن أكتب برنامجي أجمل مافيكي يا مصر والذي ظل يذاع لسنوات في البرناج العام , لذلك كنت دائما مهيأ لأن أحب مصر 
ماذاعن تجربة السجن ؟ 
لقد قابلت كل ألوان الطيف ماذا عن تجربة السجن ؟السياسي في السجن سواء الشيوعيون وفصائل اليسار والإخوان المسلمين وعدد من المتطرفين وأذكر عندما كنت أجلس أحيانا مع بعض قادة الإخوان المسلمين حضر لي بعض هؤلاء وقالوا لي: 
ألم تجد غير هؤلاء الكفرة لتجلس معهم؟ 
وكان ممن إلتقيتهم أيضا الكاتب الكبير مصطفي أمين ..وشمس بدران وغيرهم . 
لقد خرجت مدمرا من السجن ..فقد كنت سببا في ألم شديد لأبي وأمي ..أبي كان معاشه 4 جنيهات فقط وكنا 9 إخوه ..فبجانب شظف العيش كان عذابهم ليل نهار ..علمت بعد خروجي أن هناك شابا مسيحيا ظل يبحث عن منزلنا بعد أن قرأ الديوان وكان يساعد الأسرة طوال وجودي بالسجن كما كان يفعل ذلك أحد ضباط الجيش. 
ثم كان الألم الأكبر هو إحساسي بخوف كل الناس مني لأني كنت مراقبا في كل تصرفاتي. 
أحدث قصائدك التي تقدمها اليوم للقراء ؟ 
- أحدث قصائدي بعنوان الجوايز وهي دعوة للاهتمام بأدباء الأقاليم الذين لا يزالون في خانة الهامش 
جزء من قصيدة ( الجوايز ) من ديوان مــــوت المـــلكـ ( الهيئة العامة للكتابـ ) 
أمنع دموعى م النزول 
يتحجر الشجن اللى كان مخزون .. ما بين ضلعين شقا 
هيكل فى نص الليل يقول : 
" أكلُوا البلح .. أكلُوا النقا " 
أهرب فى لحظه من سلوك المشنقه 
واوصل لحيث الراحه فى الوجه اللى كان مليون وجع 
كل اللى باقى فى جيبى أصبح ( مُرتجع ) 
واما طوفان الموت فى وادى سكون رِجع 
عاد المغنى العالى للحاره القديمه .. 
دخل بحبك تانى جوه الحنجره 
كتروا فى لحظه عليه ( كلاب القاهره ) 
مع إنى كنت الباب عشانهم فى دخول المملكه 
مع إنى كنت الحامى ليهم من شطوط اللكلكه 
والباقى ع العهد القديم واللى بكى .. 
على قبر كان مدفون غلط 
مع إنى حولت الزلط .. لحرير .. وأهديته لزلط 
يا اللى انتى خليتى المصدِّى واللى باكى بحرقه .. 
ع الكلب اللى ضايع منه تانى يِعزفك 
تحذفنى أشباه الديول من مُصحفك 
أنا أعرفك عنهم ودايما اقول كلام بيشرفك 
وبينصفك لو غول نطق 
حطيتى ليه ديل الكلاب النجسه تحت الباط .. 
وخبيتى الحليب عنى .. وشيلتى الصوره م البرواز .. 
وقولتى بلاش تلامس أو تهامُس أو غُنا 
ومنعتى قلبى يدق تانى فوق فروع السوسنه 
مع إن كل حروفى خارجه م الضلوع متلحنه 
فبقيت أنا .. إنسان غريب عنى أنا 
وبقيت مغنى بدون ربابه أو دراع 
فرحوا الرعاع الجُرب .. 
لما شافونى خارج من ديارك منحنى 
جَارِرْ دوباره مشنقه 
أمنع دموعى م النزول 
يتحجر الشجن اللى كان مخزون ما بين ضلعين شقا 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق