هدلا القصّار: هذه اول مرة احصل بها على جائزة بقيمة سنوات عطائي الادبي والاعلامي

هدلا القصار، الشاعرة والاديبة والاعلامية اللبنانية ـ الفلسطينية، الفائزة بجائزة شربل بعيني لعام 2016، تطلعنا في حديثها معنا على أسرار كثيرة مرت في حياتها كأديبة، كأم، وكمهاجرة، واليكم ما قالت:

1ـ من هي هدلا القصار باختصار شديد؟ 
هي ابنة بيروت التي لا تشبه الا نفسها اطلق عليها اسم "النبتة البرية" نسبة لعنوان ديوانها الثاني". لبست هدلا القصار ابنة بيروت ثوب الصمت الى ان خرج صراخها بعد ان ضاق الهمس في صدرها، حيث ايقظت هذه النبتة غربتها عن الوطن في الفكر والمشاعر، لتذهب الى الابداع الذي شجعها على الصمود وترميم البقاء من خلال أوراق حروفها.
كانت وما زالت تبحث عن من يشبه روحها التي خرجت بها الى الطبيعة يوما لتبحث عما فقدته بين الكائنات اللحمية فوق اليابسة، وفي اعماق التاريخ الذي ما زال يناديها، لكن كانت وحدها من كان يسمع ذاك النداء القادم من ارض الفينيق لتنفض ملابس العبارات لمن يسكن حنين قلبها لتلقي برأسها على وسادته، لتكتشف داخلها الزمني في بحثها عن مسامير ارضها في غربة لم تلد الوطن.

2ـ أنت لبنانية ومن سكان غزة، كيف حصل هذا؟ 
ربما من الغريب أن اكون لبنانية وأقيم في فلسطين، لكني لم اترك وطني وحيدا، بل كنت وما زلت ازور لبنان كلما سنحت لي الظروف. اما بالنسبة كيف اتيت الى فلسطين، فلقد اتيت مع زوجي الكاتب والمحلل السياسي و أب أبنائي الثلاثة الذين ولدوا في جزيرة قبرص التي اقمت فيها ما يقارب احدى عشر عاماً بعد خروجي من بيروت الى سوريا عام 1982 بعد الاجتياح الاسرائيلي، ومن ثم الى جزيرة قبرص ومنها الى فلسطين بعد ان رفضت السفارة اللبنانية في قبرص اعطاء ابنائي الاطفال  تأشيرة دخول بعد اتفاقية اوسلو.
واليوم لا يمكنني تركهم،  أولاً:  لأسباب عائلية،  وثانيا لأنني مرتبطة بعملي في وزارة الشؤون الخارجية الدبلوماسي الفلسطينية، علما لقد كان من المفترض ان اكون ملحقا اعلاميا في القنصلية الفلسطينية في بيروت منذ العام 2005 لكن الوضع السياسي في فلسطين اعاق انتقالي حتى الان.

3ـ هدلا القصار اعلامية وشاعرة. أين تجدين نفسك كمبدعة؟
صحيح انني اتعاطى بأكثر من مجال وكأنني اعيش ثلاثية نجيب محفوظ، المترابطة بعمل واحد، فبالنسبة للصحافة فهي دراستي ومهنتي الاولى والتي تخص المجتمع والعالم بشكل عام، لذا اشعر انني ملزمة بالكتاب للتعبير نيابة عن العالم وعن هويتي ....
 لكني كثيرا ما اجد نفسي  في الكتابات الادبية وخاصة النقدية فهي هوايتي التي دفعتني لدراستها والتخصص "بنظرية النقد الأدبي، في التحليل الخطاب وأهميته" لذا اجد نفسي داخل ذائقة النقد الذي يلح علي كلما وجدت رؤية منفردة فاذهب الى الاوراق لكشفها للمتلقي وللاستفادة من وجهات نظري وتوثيقها.
اما بالنسبة للشعر فهو اوكسجين حياتي وهو الذي يدفعني للبوح بما لا يمكن البوح فيه من مشاعر وتعبير عما تملأه الروح وما يعبىء فراغات الغربة التي طالت .... ولطالما ما زالت تزاحمني مشكلات الواقع..  من هنا اجد نفسي اهرب منهم الى حديقتي الوردية الى عرش الشعر لأهمس للوطن والمحبين والعالم ما ينير طريق الحلم الذي يرقص بجناح ملكوت الشعر لنحتفل معا "بعرس بلا رقص".

4ـ نراك تكتبين تحت أسماء مختلفة مثل ابنة الأرز والنبتة البرية، لماذا؟
لا لم اكتب بهذه الاسماء وانما هي مجرد القاب اطلقت علي من قبل بعض الشعراء الاصدقاء المحبين، اما  بالنسبة لابنة الارز فانا من لقبت نفسي على صفحة التواصل الاجتماعي للتفاخر بارزتي ووطني ... اما بالنسبة للقب " النبتة البرية" فجاء من الصديق الشاعر الفلسطيني "باسم النبريص" الذي يعيش في المانية " وهناك العديد من الاصدقاء اطلقوا علي لقب "امرأة تشرين" اعجابا بقصيدة اصف فيها هدلا القصار في ليلة يوم ميلادها في قصيدة بعنوان (امرأة تشرين) كانت عام 2007 

5ـ لقد تعرّضت غزة للعدوان الاسرائيلي عدة مرات، ألم تفكّري بالهرب من الموت؟
هذا السؤال طالما راود الجميع واولهم عائلتي لان كل منا يفكر بما لديه، الاهل يفكرون بعاطفة الابنة او الشقيقة ... وانا افكر بعاطفة الامومة التي ارمم بها بقائي مع ابنائي الذين لم ولن يتمكنوا من الاقامة معي في لبنان لعدم حصولهم على جنسيتي وكذلك الوضع السياسي في فلسطين لا يسمح لهم بالخروج.... 
مما دفعني لتحمل غربتي حتى اشعار اخر، وربما قريبا جدا احقق حلم العودة الدائمة ، اما بالنسبة للحروب التي عشتها هنا اقول ربما اعتدت على حروب لبنان منذ اواخر السبعينات حتى الاجتياح، ربما لان لدي قناعة "بان العمر واحد والرب واحد وأبن العاشرة لن يموت في التاسعة". 

6ـ لماذا تكتبين، ولمن تكتبين في زمن قل قراؤه؟ 
بالتأكيد هناك من لا يقرأ وهناك من يستغل الشبكة العنكبوتية للتلصص واستنساخ اقلام الاخرين ونسبها لاسمه.... وهناك من ينسخ  بعض الاسطر لشعراء ووضعها كومضات الفيسبوكية...  وهناك كتاب وشعراء وباحثين حقيقيين يستغلون الشبكة العنكبوتية للاطلاع وتوفير البحث عن اسماء او اقلام قد تخدم ما يبحثون عنه او يقرؤونه بلا شك. 
 اما بالنسبة لي فأنا اكتب لأحقق ذاتي وأعبر عن رايي ورؤيتي ولأفرغ مخيلتي لأننا بالنهاية نحن معشر الكتاب او الشعراء كثيرا ما نشعر باختناق شديد وبحاجة للتعبير عن انفسنا حتى لو عجزت اقلامنا واستعصت كلماتنا وعجزت السنتنا تبقى الحالة الشعورية هي الملحة والحاضرة في ارواحنا واقلامنا التي اصبحت كأصابع الكف واوردة الجسد ودم  الروح.   

7ـ هل حصلت على جوائز من قبل، وما هي؟
لا للأسف لم احصل على جائزة بمعنى جائزة من قبل، بل  هذه اول مرة احصل بها على جائزة بقيمة سنوات عطائي الادبي والاعلامي ...  ولي الفخر بهذه الجائزة القيمة جائزة الشاعر شربل بعيني لعام 2016 ، انها عبارة عن وسام وفخر لي وحمل جميل تعجز العبارات ان تخدم مشاعر هذه المحطة المهمة في حياتي. 
علما انني حصلت على  " دكتورة فخرية من المجلس الاعلى للأعلام فلسطين فرع الاردن". 
كما دخل أسمي في الجزء الاول من " الموسوعة الكبرى لشعراء العرب " سنة 2010 .
وحصلت عضوية رابطة شعراء العالم  من الشاعر التونسي يوسف رزوقة عام  2006،  وعضو اتحاد كتاب العرب 2007، وعضو رابطة ادباء العرب 2008، عضو  نقابة الصحفيين العرب 2008، عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين 2009 ، وعضو اتحاد مدونين العرب 2009/ 2010 .  عضو كتاب الانترنت العرب 2010،   وسفيرة البيت الثقافي العربي في الهند ( فرع فلسطين) ومديرة "مركز ض للثقافة التنمية "

8ـ كيف كان شعورك عندما علمت بفوزك بجائزة شربل بعيني لعام 2016؟
للوهلة الاولى امتلكتني الدهشة والصدمة الجميلة ومن ثم تنهدت وابتسمت روحي لأنني صدقت شعوري الذي اصابني يوما بانني لن اكرم بالطريقة اللائقة الا في وطني باي طريقة كانت ولم احدد فقط كان هو شعوري يوما وربما اتاني هذا الشعور لأنني اشعر ان هناك من يتصدى لنجاحاتي وتقييمي ككاتبة وشاعرة وهناك عوائق كثيرة كانت سبب عدم خروجي من فلسطين للتكريم الا وهي قصة المعابر متنفس الشعب ومع هذا سبق ودعيت لمهرجان شعري وتكريمي بعد المهرجان من مؤسسة ادبية في المغرب لكن لم يكتب لي الحضور، كما دعيت للمشاركة في مهرجان في الجزائر وكذا العراق والقاهرة وغيره ،  وايضا لم  يكتب لي  حضورهم والحصول على التكريم وربما كان الوقت والتزامن يقفان عائقا لكن الحمد لله انني كرمت بهذه الجائزة التي عوضتني عما فاتني طوال السنوات الماضية  وانها لجائزة الشرف والاماني  ...  من ابناء جلدي لانهم الحضن الدافئ للعالم أجمع دون تمييز او عنصرية.
ومن هنا اوجه جزيل الشكر والتقدير للأديب والشاعر شربل بعيني" وامتناني  لجميع القائمين العطاء والتميز، والرحمة الدائمة للخالد مؤسس الجائزة الدكتور عصام حداد.

9ـ ما هو جديد هدلا القصار؟
العمل على طباعة ديوان بعنوان " ترانيم الهديل" كما اعمل على بحث موسع حول انعكاس "اللكنة المحلية على اللغة " كما افكر بتجميع دراساتي النقدية  وطباعتها، بعد ان توقفت لفترة احباطية بسبب عجزي عن اصدار كتاباتي وتوزيعها خارج فلسطين  .

10ـ ماذا تقولين لأبناء الجاليات العربية في أستراليا؟
- اولا اقول لهم احسدكم لأنكم في عيون الشاعر شربل بعيني الذي يحتضن كل مغترب ... 
احسدكم لأنكم تعيشون بدفء الاب الروحي " شربل بعيني الذي يدفىء برد غربتكم من برد ليلها ... احسدكم لان معكم ونيسا من عظام الارز يغني معكم ترتيل الشعر وصلاة اللحمة والوحدة واللا تفرقة ....  لتحملوا معا على اكتافكم هموم الوطن وجراحه ومعاناة شعب لا يركع للمستحيل ... 
اقول لهم اتمنى في القريب العاجل ان يعود لبناننا كما كان ونلتقي على ارض المحبة والسلام واسال  الله أن يعيدكم ويعيدني الى الوطن لنفتتح معا بساتين الشعر بالعطاء والروح الطيبة والمودة الخالصة ....   
وفي الختام أتقدم بالشكر الجزيل للشاعر شربل بعيني ، وللقائمين على معهد الأبجدية في جبيل ـ أم الحرف، لهذه اللفتة الطيبة التي  تمثل كل لبناني في الوطن وخارجه، والشكر موصول لجميع العاملين في مؤسسة الغربة الإعلامية وكل من يحمل ابداعات ادبية اجتماعية انسانية .....

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق