الدكتور آميل شدياق: سأحمل الميدالية عربون الصدق والوفاء في عالم انعدم فيه الخير والاخلاص



عندما تحاور الدكتور آميل شدياق، عليك أن تراجع حساباتك اللغوية والمعلوماتية، إذ انه موسوعة جامعة، ومرجع موثوق، وعالم لغات، وليس بإمكانك، مهما فعلت، أن تتغلب عليه، لذلك مددنا له يد الصداقة بهذه الأسئلة، التي أجاب عليها بتلقائية وشفافية:
 
1ـ من هو الدكتور آميل شدياق باختصار شديد؟
هذا أصعب سؤال على مسمعي. إنما باختصار شديد، كما طلبت. عملت في إدارة الشركات، وتدقيق الحسابات، والترجمة، والإعلام المقروء، والمسموع والمرئي، كما مارست قانون الهجرة لعدة سنوات، إلى جانب البحوث العلمية للجامعات، في استراليا والخارج.  كتبت الشعر باللغتين العربية والانكليزية، واشتركت في إعداد قاموس المصطلحات القانونية في أستراليا باللغة الانكليزية. أضف إلى ذلك مشاركتي في جمعيات ومؤسسات علمية وثقافية ومهنية وما زلت ناشطاً في البعض منها.

2ـ يقولون إنك تملك صوتاً رائعاً وأنت تتكلم، مخارج الحروف فيه صحيحة، ونبرته مؤثرة، أنت ماذا تقول؟
أقول هذا من نعمة الله عز وجل. لقد درست التجويد، ومخارج الألفاظ والحروف، وفن الالقاء وفقه اللغة، واتقان اللغة العربية وقواعدها، أضف الى كل هذا سنوات من الخبرة الطويلة في الإذاعات، وتسجيل الإعلانات، وتقديم البرامج والحفلات.  

3ـ أنت أديب وشاعر واعلامي ومترجم. أين تجد نفسك كمبدع؟
يجب ان يظهرَ الإبداعُ في كل عمل يقوم به الانسان، هذا إذا أحب المرءُ عمله. فالأدب، والشعر، موهبة يصقلها العلم والمطالعة، ويفجرها الخيال والإلهام. أما صاحبة الجلالة مهنة الإعلام، فهي مهنة المتاعب والمشقات، ورسالة مقدسة لنشر الخبر الصحيح، ومحاسبة المسؤولين، وكم من الشهداء  لاقوا حتفهم في سبيل الكلمة الحرة، وحرية الرأي والتعبير. فاما الترجمة فإنها تحتاج للدراسة العميقة، وإتقان اللغات التي تترجم اليها، باالاضافة الى خبرة طويلة في هذا الحقل الواسع. لا يكفي أن يعرفَ المرءُ المرادفات والمعاني، إنما يجب أن يختارَ الكلمة الصحيحة التي تناسب الجملة والمضمون. لذلك يجب أن تقرأ الترجمة وكأنها كُتبت أصلاً في تلك اللغة التي تُرجمت اليها. وأصعب الترجمات هي ترجمة الشعر ونقل صورة الشاعر الحقيقية إلى اللغة الثانية، دون زيادة أو نقصان.
الإبداع باختصار هو أن يكون لدينا أهداف واضحة نود الوصول إليها، مع تجاهل التعليقات السلبية، وأن لا نخشى الفشل. وكما يقال: ليس العار أن يسقط المرء، إنما العار أن يبقى حيث سقط.
أما بالنسبة لي كأديب، وشاعر، واعلامي، ومترجم، ولغوي، ومحاسب قانوني، وعالم اجتماعي، وباحث أكاديمي، فاني أضع الإبداعَ نصب عينيّ لتأدية الرسالة المقدسة، والواجب الملقى على عاتقي، لأَنِّي أدرك أنَّ المسؤولية تؤخذ، لا تعطى. أشدو الكمالَ ولستُ كاملاً، أصبو الى الإبداع ولستُ مبدعاً، أنشد المجدَ وانا بعيد كل البعد عمّا يسمى بالمجد والرقي، لانَّ سلمَ المجد عالٍ لا حدود له، ولا قياس.
 
 4ـ لقد كرمت في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز بسعي من رئيسة جمعية انماء الشعر الدكتورة بهية ابو حمد. كيف كان شعورك؟
كانت بالفعل مفاجأة سارة، وأشكر الدكتورة بهية أبو حمد على هذه الخطوة الفريدة من نوعها، حيث جرى تكريم الشعراء في برلمان الولاية لأول مرة في بلاد الاغتراب. فهنيئاً للدكتور بهية ابو حمد على هذا العمل المميّز، وهي السبّاقة في توفير التقدير والاعتراف بإنجازات الشعراء واصحاب المواهب لدى حكومة الولاية. تكرم الشعرَ، والتراث، دون الطموح لأيّ مطمع او مقام، بل حبّاً للانسانية والكيان، ورفع اسم الوطن لبنان. أرجو ان يدركَ البعض انَّ ما تقومُ به الدكتورة بهية هو لأجل جمع شمل الشعراء تحت راية المحبة والسلام، لا انْ يكون غيابُ بعضهم نتيجة التفرقة والخصام، ولا انْ يستغلَّ أحدٌ التقديرَ كسلم للانانية والارتقاء، بل اكراماً للتراث والوفاء.  ليس هذا العمل محصوراً للبنانيين ولبنان فحسب، إنما لكل من ينطق بلغة الضاد، ويشمل الدول العربية. فلتجمعنا محبةُ القريب، لنكون خيرَ سفراء للوطن الحبيب. رجائي أن يتحدَ الشعراءُ في المهجر لتأدية رسالة الكلمة المقدسة على أكمل وجه، تقديراً لتراثنا العريق، الذي يجمع كل فريق، في مسيرة موحدة وخير الطريق.
 
5ـ أنت من بيروت، ألم تفكّر بالعودة إلى ست الدنيا؟
أبداً، ولا مرة فكرت بالقيام باي زيارة للوطن لبنان. أريد ان اتذكر بيروت كما تركتها، لا كما هي الآن. أمنيتي ان تبقى صورة العاصمة الجميلة في مخيلتي، وأن يبقى لبنان كما عرفته في قمة المجد، والعمران، والازدهار والطمأنينة.

6ـ لماذا لم تجمع قصائدك في كتاب، وهي كثيرة جداً؟
لدي الكثير من القصائد الشعرية ما يكفي لنشر أكثر من كتاب في اللغتين العربية والانكليزية، وسأنشرها عما قريب. لكنني أودّ نشر كتاب باللغة الإنكليزية عن بحث علمي جامعي صرفت عليه عدة سنوات في البحث، والمطالعة، والتدقيق، والإعداد، والمراجعة والإتقان.

7ـ هلوسة الفايس بوك ضربت عقول الكثيرين، لماذا ابتعدت عنه يا دكتور؟
أحب الخصوصية، وأبتعد كل البعد عن نشر وإعلان ما أقوم به، وخاصة على الفايس بوك، أو أي موقع على الانترنت،  كرهاً بحب الظهور، وحباً بعملي الخاص، وحفاظاً على حياتي الخاصة.

8ـ ترجمت ديوان "رباعيات" الى الانكليزية بطريقة موزونة، كيف تمكنت من ذلك؟
ساعدني على ذلك إتقان اللغتين العربية والانكليزية اتقاناً تاماً، وسعة الألفاظ المتوفرة لدي، وحبي وكتابتي للشعر باللغتين، مع الاطلاع الغزير، وحسن اختيار وتركيب الجملة الشعرية المناسبة. ما أن قرأت رباعيات شربل بعيني، حتى صممت فوراً أن أكون أولَ من ترجم الشعر من العربية الى الانكليزية بطريقة موزونة، كما فعل إدوارد فيتسجيرالد في ترجمة رباعيات الخيام من الفارسية إلى الانكليزية.  

9ـ كيف كان شعورك عندما علمت بفوزك بجائزة شربل بعيني لعام 2016؟
انتابني شعور الفخر والاعتزاز لانها جائزة أخي، وصديقي، ورفيق العمر شربل بعيني، الذي ما زال يعطي الكثير ويتحف مكتبتنا العربية بشعره الغزير، وموقعه النادر في خدمة الجالية العربية.
جاءتني الجائزة من معهد الأبجدية، من مدينة جبيل التاريخية، من أخي شربل الشاعر القدير، والذي أعطى وما زال يعطي الكثير، من رسول الكلمة المقدسة، وصاحب التعابير المكرسة. لك مني ألف شكر وتحية، على تقديرك وصداقتك الوفية، التي تفوق المحبة الأخوية. سأحمل الميدالية عربون الصدق والوفاء، ونبراس الشموخ والعلاء، في عالم انعدم فيه الخير والاخلاص في البلاد، وانتشر بين البشر الحقد والضغينة والفساد. أدامك الله للشعر والكلمة الحرة ذخراً أصيلا، لتبقى رسول الكلمة أجلاً طويلا.
أغتنم هذه الفرصة لأقدم شكري الجزيل للصديق الراحل، الدكتور عصام حداد، الذي أسس معهد الأبجدية، ونشر الكلمة المقدسة عبر القارات، وها أنت، يا أخي شربل، تحمل مشعلَ الكلمة في دار الاغتراب، في كل قصيدة وفي كل كتاب.

10ـ ما هو جديد الدكتور آميل شدياق؟

كتاب البحث العلمي الذي سينشر باللغة الانكليزية.

11ـ هل من كلمة أخيرة لأبناء الجاليات العربية في أستراليا؟
أرجو ان تدومَ المحبة، ويسودَ الأمان، وان نبتعدَ عن الحسد والضغينة، وأن ندفنَ الطائفية، لنكونَ جالية واحدة تجمعنا القيم السامية، ونكون خير قدوة ومثال، لانَّ القيمَ في طبيعتنا، والخلق في جذورنا، والمحبة في أعماقنا، والقدوة في سيرتنا، فما علينا الا أنْ نعيشَ ما نشأنا عليه، وترعرعنا فيه. والله ولي التوفيق.

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق